من خلال مراجعتنا اليومية للعروض الاستثمارية التي نتلقاها من أصحاب المشاريع التقنية الناشئة بشكل مستمر, لاحظنا تكرر العديد من نقاط الضعف. وبالرغم من أن صندوق هلا فنتشرز يستهدف في نشاطاته الاستثمارية المشاريع التقنية التي حققت إيراداتٍ أولية والمستمرة في طريقها للنمو, مازلنا مطلعون على أداء العديد من الشركات التقنية التي لم تصل لهذه المرحلة بعد وعلى التحديات التي تواجهها أيضًا.

أحدها, هي عملية بناء التوقعات المالية المستقبلية لأداء المنشأة التي مازالت قيد الإطلاق. وبقدر ما تُعتبر التنبوءات المالية عنصرًا أساسيًا في بناء نموذج العمل وورقة مهمة للحصول على دعم مالي, فقد يتضح بعد فترة وجيزة أنها بلا قيمة.

فمالذي قد ينقص من قيمتها؟

1. ضعف المعرفة بأداء السوق

ضعف المعرفة بأداء السوق غالبا ما يُسفر عن تنبوءات مالية مغلوطة مبنية على بيانات غير منطقية وغير متناسبة مع نموذج عمل المشروع, ولذلك كانت هذه الدراسة أحد أهم المتطلبات في نماذج العمل والعروض المقدمة لطلب الدعم الاستثماري.

تتضمن المعرفة بالسوق عملية دراسة وبحث في:
  • تاريخه, لمعرفة متغيراته واتجاهاته والعوامل المؤثرة عليه.
  • خصائص السوق المستهدف جُغرافيا وديموغرافيًا: تمكن معرفة هذه البيانات رائد الأعمال من الاستعانة بنماذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمبيعات.
  • حجم المنافسة فيه والجهات المسيطرة عليه, من خلال البحث في قيمتهم المضافة, التقنيات المستخدمة في التشغيل والإنتاج, مؤهلات الموارد البشرية المطلوبة وحجم الفريق, نسبة تقريبية قدر الإمكان لحجم التكلفة التي يتكبدونها, هوامش الربح المتعارف عليها في المجال, ومعدل النمو المثالي.

عند الحصول على هذه البيانات (ولو كانت تقريبية) يمكن لرائد الأعمال توظيف المقارنة؛ قارن بين معطياتك, أرقامك وتوقعاتك مع هؤلاء المنافسين.

كثيرا ما نرى استهداف رائد الأعمال لسوقٍ يندرج ضمن مجال خبرته, ولكن الخبرة لا تغني عن البحث والدراسة أيضًا. وفي حال لم تتوفر الخبرة, فبإمكان رائد الأعمال استقطاب محلل مالي أو مُحاسب ذو خبرة في السوق المستهدفة (بشكل جزئي أو دائم حسب مقدار العمل المطلوب) بحيث يكون له عينا ترى.

2. قضاء وقت أكثر من اللازم في التخطيط والتحليل

قد يقضي رائد الأعمال وقتًا أطول من اللازم في التخطيط ووضع التوقعات المالية لمنتج لم يتم إختباره في السوق بعد في سبيل تقديمه في أفضل نسخة أولية ممكنة, بينما أن النسخة الأولية من المنتج لا يجب أن تكون في أفضل حلة, فهدفها الأساسي هو اختبار أداء المشروع أو المنتج في بيئته الحقيقية والحصول على التغذية الراجعة لتطبيق التحسينات بشكل فوري, وعليه يستطيع رائد الأعمال تقدير المدة التقريبية التي قد يستغرقها المشروع في السوق خلال هذه الفترة الأولية قبل دخوله المرحلة التطويرية التالية. ولنا في الكثير من المشاريع الريادية خير مثال, منها لينكدإن, سنابتشات, هنقرستيشن, وغيرها الكثير من المشاريع التقنية الريادية في مختلف المجالات.
في هذه المرحلة, لا يلزم رائد الأعمال وضع توقعات مالية مستقبلية متكاملة للمشروع, بل قد تساعد التغذية الراجعة الفعلية في فترة الإطلاق الأولي للمنتج على الحصول على معلومات واقعية أكثر لحالة السوق مما يساعد في وضع التنبوءات المالية مستقبلا.

 

3. الخلط بين المسجلين في الخدمة أو المنتج, والمشتركين الثابتين

قد يخلط روّاد الأعمال خلال وضعهم للتوقعات المالية بين نسبة المسجلين في الخدمة أو المنتج بشكل مجاني, وبين المشتركين الثابتين باشتراكات مدفوعة, وقد يغفلون عن أهمية تحويل المسجلين إلى مشتركين بشكل دوري, أو كسب مصادر دخل ثابتة ورئيسية أخرى بما يتناسب مع نموذج العمل, مما يؤثر على دقة التنبؤات المالية الموضوعة.

 

لابد من الأخذ بالاعتبار أن صناديق الاستثمار الجريء ربما لا تبحث في المشروع الريادي عن التدفقات النقدية الإيجابية في السنوات الأولى لضمان العائد الاستثماري قصير المدى, ولكنها تبحث عن المشروع القابل للنمو والتطور بشكل سريع وكبير بحيث ينعكس على عائد استثماري طويل المدى أضخم بـ
X100 .

Leave a Reply